محمد فرنان ..صحفي تيل كيل الذي أدخله سلم ريشتر زلزال الحوز في حيرة نقل الخبر وجبر الضرر .
محمد الشنتوف *
عدت منكوبا .. هكذا يحكي الصديق محمد فرنان، ملخصا بعضا من تفاصيل حكايته المشوقة بشأن تجربته في تغطية زلزال الحوز، الصحفي المتمكن في زمن “العبث الصحفي والتطاول على الصحفيين من طرف من هب ودب” بشعار ملغوم ومغلوط يقول أننا في المغرب، لا نملك صحفيين من العيار الثقيل… يا للعجب! هل تعرفون الصحافة والصحفيين المهنيين المغاربة حقا، أم أن جنون ” البحث على الكليك” وثورة الإعلام الجديد، تسببت في خلطكم للحابل بالنابل؟
دعوني أعرفكم وأعرفكن على واحد من الصحفيين الشباب النبلاء، محمد فرنان، الذي بقي وفيا كما عرفته قبل سنوات، للصحافة ” بقْواعدها كما نقول بدارجتنا المغربية الجميلة” ” كما وكيفا، مر من تجارب مختلفة، حتى وصل لجريدة تيل كيل عربي، الصحيفة التي جاز لنا الافتخار بها كذلك، كواحدة من الصحف، التي كانت من ضمن اهتماماتي في نسختها الفرنسية، وزادتها النسخة العربية بريقا وتمييزا، الصحيفة التي يقودها باقتدار الزميل أحمد مدياني، ليس لأنها كانت معي في محنتي ونشرت ونددت بتعنيف صحفي بالمعرض الدولي للنشر والكتاب والزج به في متاعب كثيرة سيأتي وقت التفصيل فيها يوما ما، في موقف معبر عن ما يجب أن نكون كصحفيين وصحفيات، نختلف في زوايا المعالجة، وفي الرأي، ونتفق في تحصين المهنة والدفاع عنها، متحدين مثلما اكد نقيبنا اخشيشن اليوم، لندافع عن مهنتنا، ليس هذا فقط، ولكن لأنها تقدم أعمالا جاز لنا تقديرها وتوقيرها، ما زاد تقديري لها، درس تحليل الصورة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، حيث كانت أغلفتها مادة خام، للتحليل والفهم ودراسة ابعاد الصورة في توظيفها وأبعادها الاخبارية والصحفية العميقة.
نعود إلى محمد فرنان، الرجل الذي أقدره واعزه وأتمنى له مزيدا من التوفيق، في الصفحة 107، من الكتاب الجماعي الذي شارك في تأليفه ثلة من الصحفيين الشباب وصحفية تشاركهم ربيع العمر وذات الشغف، يفتتح محمد فرنان قصته:
“عدت من المناطق المنكوبة منكوبا”
ليلخص حكايتنا جميعا هناك في جملة، تختلف التفاصيل والجرح واحد، جرح وطن كان لزاما علينا أن نخلق في ظله نوعا من التوازن بين المشاعر الانسانية ونقل الخبر بروح مهنية”، هنا يؤرخ الزميل محمد فرنان، لحكاية ” سلم ريشتر” الذي حيرنا بين المهني و الإنساني، إنتصر فرنان مهنيا في نقل التفاصيل، وأبدع إنسانيا في البوح ببعض الأسرار الانسانية في هذا المؤلف.
يؤكد فرنان تلك الفرضية الحائرة أعلاه، فيكتب:
” رغم أن الصحفي يحاول دائما أن يضع حاجزا بينه وبين الحدث، إلا أن وجع الكارثة، يظل حاضرا في القلب والعقل، سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، تصوير الصحفي كإنسان غير متأثر هو مجرد وهم، فالصحفي في نهاية المطاف، إنسان، وإن كان يجيد فن التعامل مع الألم، من خلال مسافة شعورية تحفظ له قدرته على نقل الخبر، وهذا أحد مصادر قوته”
دعني أختلف معك يا زميلي وصديقي العزيز، أبشرك، هذا الاختلاف الذي تقودني اليه النظرية التي دفعتني لأبقى صامدا طيلة 6 أيام، حاولت فيها الظهور على شاشة قناة مبدي 1 تيفي بصفتي الصحفية، لا الانسانية ، هزمتني فيه في اليوم السابع، وصدق كلامك، لما ذهبت لأحد القرى المدفونة تحت الركام، بأحدية الأطفال الصغار وأمنيات الكبار، حيث بقيت بعض من معالم المسجد فقط، ومات الجمبع باستثناء القلة القليلة، ” قلت حينها: البارحة كانو هناك واليوم هم هنا”, غلبتني إنسانيتي وبكيت كثيرا قبل المباشر، وعاود الدمع تسطير قصة جرح الوطن على المباشر، حتى طلبت من المصور الصحفي بحركة يدي ” إبعادي من الكادر”، وهنا صدقت يا فران فيما قلته، وحاولت فقط أن ألتزم بقواعد مهنتي التي تقول نظرياتها أن الصحفي يجب أن يبقى محايدا ومهنيا في أحلك الظروف، بين حيرة نقل الخبر وجبر الضرر وضعت نظريتي يا فرنان بدعم سلم ريشتر في الرفوف.
ما يعطي لكتاب ” على مقياس ريشتر . ما لم يروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز” بريقا خاصا في نظري مثلما عبرت اليوم 26 دجنبر 2024, إبان عبوري بمنصة الحدث، ” توقيع الكتاب بأحد فنادق العاصمة”، ما يزيده بريقا أنه مؤلف جماعي، لا يكتفي بسرد القصص من زوايا أخرى، وإنما يعبر عن ذاك “الإتحاد الصحفي للصحفيبن المهنيين”، وربما نحتاج إلى تنظيم جديد بهذا الإسم، ليدعم مجهودات باقي المؤسسات التي تدفع في هذا الإتجاه، ولهذا حتى وإن فكرت في كتابة قصتي هناك أيضا، يبقى هذا المؤلف متميزا لأنه يعبر عن فكرة الاتحاد في زمن الرغبة المستترة المقدرة بحب الإنفراد، انفراد نقله البعض من قواعد الصحافة والرغبة في السبق الصحفي، إلى الرغبة في السبق نحو تشتيث المهنة وإحباط عزيمة المهنيبن، بأساليب مختلفة، ليبقى محمد فرنان وباقي الزملاء، سعيد غيدي، ابراهيم إشوي، أنس لغنادي، أسامة باجي، نور الدين البيار، أسامة طايع، صلاح الدين العمايزي، إيمان بلمين، عنوانا لتمبز جماعي، طبع بدار النشر والتوزيع أكورا، وبدعم من مؤسية “HEINRICH BÖLL STIFTUNG الألمانية، وبتنسيق الزميلين نور الدين البيار، أسامة باجي، بوركت جهودكم ولكم موعد مع قراءة نقدية واهتمام خاص بهذا المؤلف بعد الاطلاع على خباياه، لأنه يستحق الاهتمام بكل أمانةوصدق ومهنية.
*صحافي، مدير نشر جريدة مغرب بريس تيفي
26-12-2024
الرباط