الصحافة بمهنية ورؤية إبداعية

انتقادات لاذعة لمشروع قانون المسطرة الجنائية : فيدرالية اليسار تحذر من حماية الفاسدين وتكميم أفواه المجتمع المدني

شنت فيدرالية اليسار الديمقراطي هجومًا لاذعًا على مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرةً أن هذا المشروع هو بمثابة “إجراء وقائي” يهدف إلى توفير الحماية للسياسيين المتورطين في الفساد، ويحد من دور المجتمع المدني في مكافحة الرشوة والإثراء غير المشروع.

و أكد البدالي صافي الدين، عضو المكتب السياسي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، في مقال نشر على الموقع الرسمي للحزب، أن هذا المشروع يُعد “انقلابًا على الشرعية الدستورية” ويتناقض مع دستور المغرب لعام 2011، الذي يضمن للمجتمع المدني دورًا محوريًا في تحسين الحياة العامة. وأضاف البدالي أن هذا الإجراء يتعارض أيضًا مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب في عام 2007، والتي تشدد على ضرورة إشراك المجتمع المدني في جهود مكافحة الفساد.

وتأتي هذه الانتقادات في سياق موجة واسعة من الانتقادات التي أطلقتها فعاليات حقوقية وحزبية، والتي ترى في مشروع القانون الجديد، الذي صادقت عليه الحكومة المغربية خلال اجتماعها يوم الخميس الماضي، “تقييدًا صارخًا” لقدرة جمعيات المجتمع المدني على تقديم شكاوى ضد المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام.

وأشار البدالي إلى أن هذا التشريع يأتي في وقت يتزايد فيه عدد البرلمانيين والمستشارين الجماعيين المتورطين في قضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام، مما أثار قلق الرأي العام الوطني والدولي. وأضاف أن الحكومة تسعى من خلال هذا القانون إلى تحصين هؤلاء السياسيين من المتابعات القضائية، خاصة وأن أغلب المتورطين ينتمون للأغلبية الحكومية.

كما استنكر البدالي بشدة ما وصفه بـ”تكميم الأفواه”، معتبرًا أن هذا المشروع يهدف إلى تضييق الخناق على جمعيات المجتمع المدني التي تعمل على كشف الفساد والممارسات غير القانونية داخل مؤسسات الدولة. وتساءل عن سبب محاربة هذه الجمعيات بدلاً من محاربة الفساد ذاته، مؤكدًا أن الحكومة تسعى لحماية أعضائها من المساءلة القانونية، مما يضر بمصداقية الدولة ويقوض جهود تحسين الحياة العامة.

وينص المشروع في مادته الثالثة على أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناءً على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية، أو بناءً على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”.

وحسب نص التعديلات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية في نسخته الجديدة، فإنه “إذا أقيمت الدعوى العمومية ضد موظف عمومي أو عون قضائي، يُبلغ الوكيل القضائي للمملكة كذلك بكل دعوى عمومية يكون موضوعها الاعتداء على أموال أو ممتلكات عمومية أو أشياء مخصصة للمنفعة العمومية أو الاعتداء على موظفين عموميين أثناء أو بمناسبة ممارستهم لمهامهم”.