حصانة الصحفي(ة) وحصانة الوزير.. الوزير وهبي يخلط الأوراق في البرلمان ونحن نرفض المساس بحصانة الصحافة” القانونية”
محمد الشنتوف*
في البداية تجدر الإشارة إلى أننا في مؤسسة مغرب بري تيفي طالبنا بحوار مع الوزير عبد اللطيف وهبي بطريقة معينة، ولم نتلقى جوابا عن الطلب بل تلقينا جوابا وديا لم يقدم ولم يؤخر، ونكرر الطلب الآن علانية وفي مقدمة هذا المقال، ونحن مستعدون لإجراء حوار خاص ضمن ما يسمح به القانون في إطار حق الرد المكفول بقانون الصحافة والنشر والقوانين الجاري بها العمل في المهنة، مع السيد الوزير عبد اللطيف وهبي ليجيبنا على الكثير من الأسئلة العالقة، ضمن برنامج “بوضوح” على جريدة مغرب بريس تيفي، وعليه نكرر، السيد الوزير المحترم عبد الطيف وهبي،أدعوك بصفتي الصحفية أولاوأخيرا لإجراء حوار، حول قضايا كثيرة، ومن أبرزها ما يتعلق بإصرارك على مهاجمة الصحفيين والصحافة، بطرق مختلفة،إنتقلت فيها من رفع الدعاوى القضائية ( وهذا حقك) ولا نناقش ملفا معروضا على القضاء حتى يخرج منه، إلى مهاجمة الجسم كله بألفاظ واتهامات لا تليق بك وبمغرب اليوم ، وبوزير العدل أولا ثم الحريات كمفهوم أكبر، يقع ضمن دائرته هذا التفاعل والتحليل لخبر يرتبط بما قلته في البرلمان عنا وعن جسمنا.ودعوتنا لإجراء هذا الحوار تؤكد حسن نيتنا، وليس رغبتنا في الكتابة من أجل الكتابة او النقد لغاية في نفس يعقوب، ولعل أول سؤال يمكن طرحه هنا: ألم يؤثر ملف السيد الوزير عبد اللطيف وهبي مع الزميل حميد المهداوي على خطابه وسلوكه السياسيين في الآونة الأخيرة؟ وفي خرجات إعلامية كثيرة؟ هل انتهت مشاكل قطاع العدل والحريات في المغرب ولم يتبقى لنا سوى مهاجمة الصحفيين والتضييق عليهم بطرق مختلفة؟ هل مشكلة حرية الرأي والتعبير ترتبط فعلا بالصحافة في المغرب أم بالقطاع الرقمي وبماكينات التشهير ؟
الجسم الصحفي متهم حتى تثبت براءته ؟
يقول السيد الوزير المحترم عبد اللطيف وهبي، أن الصحفيين بما معناه ” فاسدين ورشاوية وكايشدو الفلوس من عند هذا لسب ذاك”، لا يفطن السيد الوزير المحترم أنه يخرق القانون بهذا التصريح، “أين قرينة البراءة” هل أصبح الجسم الصحفي كله متهما حتى تثبت براءته من طرف وزير العدل والحريات شخصيا في المغرب؟ ونحن نعلم أن القاعدة تقول “المتهم بريئ حتى تثبت إدانته”،هذه القاعدة نربطها بقاعدة علمية أخرى تستعمل في دراسات العلوم الاجتماعية وهي قاعدة “الفرضية والأسئلة الاشكالية والتجربة والاستنتاج” فإذا افترضنا أن ما قاله الوزير صحيح بشكل عام وينطبق على جسمنا الصحفي، علينا أن نطرح السؤال: من الذي دفع الصحفي ليكون ” فاسدا”، وليكون لعبة في يد السياسي ليفعل به ما يشاء؟ هل لدى السيد عبد اللطيف وهبي أمثلة وقف عليها مثلا في حزبه ” الأصالة والمعاصرة” تأكد من خلالها وجود شبهة فساد بين الصحافي والسياسي؟ ولنعطي أمثلة مما شاهدناه في مناسبات معينة، في مؤتمر لأحد الأحزاب المكونة للحكومة، نعم شاهدت بأم عيني أحد القادة السياسيين وهو ” كايكمش 200 درهم لمصور صحفي” ، وفي نشاط ساهمنا في تنظيمه تواصليا جاءت مصورة صحفية تطلب ” فلوس الترونسبور لكازا من أحد منظمات النشاط” ومؤخرا طلبت شخصيا لقاء مع أحد رؤساء الجماعات، من أجل مناقشة سبل التعاون المؤسساتي، وعندما وصلت عنده، أخرج بعض الأوراق النقدية( لا أعرف مقدارها) وحاول وضعها في جيبي، لكنني رفضت، وانتهى الاجتماع هنا دون أن ادخل معه في تفاصيل ما جئت من أجله، وكان مبرره، انه يقدم لي هدية فقط بمناسبة قدومي لأول مرة لجماعته، غادرت الجماعة وانهيت تواصلي بذلك المسؤول ” حتى يجي وقتو ونرجع ليه”، وعندما كنت أشتغل لصالح قناة ميدي 1 تيفي، كانت الفرص أكبر لانني أحمل صفة ترتبط بمؤسسة عمومية، وللأسف حتى تعامل بعض ااسياسيين معك كصحفي في القطاع الخاص بختلف عندما يتعلق الأمر بمؤسسة عمومية، وهو ما يعكس انحدارا في الأخلاق التواصلية لبعض المسؤولين والسياسيين مع رجال وسيدات الإعلام وتمييزا يكاد أن يكون عنصريا وغير دستوري طبعا، ورغم حملي لقبعة ميدي 1 تيفي كانت قبعتي الصحفية هي الحاسم في تعاملاتي، حاولت ما استطعت تجنب تلك الفرص العجيبة ” لتسخين الجيب وتبريد الكتاف الصحفية ” لأنني أرفض هذه العلاقة الغريبة بين الصحافة والسياسة، وكنت أحرص على القيام بمهمتي الصحفية والانصراف، وحتى لو قبلت هدية ما أو وجدت أن صحفيا يشتغل معي قبل مثل هذه الهدايا في سياقات دقيقة، فالمؤكد أن ذلك لن يكون له اي علاقة بالخط التحريري، وعليه، وبعدما طرحنا الأسئلة وقدمنا أمثلتنا، ننتظر الأجوبة الواضحة من خلال تجربة الوزير كسياسي في علاقته بالصحفيين؟، ومن خلال ما سبق نستنتج أن هذا العمل وكيف ما كانت إجابة الوزير لا يرتبط بسلوك طبيعي عام، بل بسلوكات خاصة يحكمها سياق وأطراف معينة، يدخل فيها السياسي والصحفي في دائرة الإدانة، لا يمكن أن نقول مثلا أن كل رؤساء الجماعات فاسدين وكل الزعماء السياسيين فاسدين، وكذلك ومثال بالنسبة لرجال وسيدات الصحافة، وبما أننا لا نرضى لصحافيينا ولا لسياسيينا هذه السمعة السيئة، نطرح السؤال على السيد الوزير: هل جاز لنا أن نستنكر تصريحاته وهل جاز له أن يقدم اعتذارا لأن هذه الظواهر لا تشرف دولة المؤسسات والعلاقة التي يجب أن تكون بين السلطة الرابعة ومؤسسات المغرب؟ ألا يخرق السيد الوزير قواعد علم الاجتماع الذي تعلمنا من خلال دراسته أن لا نعمم، وأن لا نتكلم بكلام لا يناسب الفضاء الذي نتكلم فيه، وأن لا نربط الحكم الخاص بالفضاء العام، وأن نبتعد عن الأحكام الجاهزة والحس المشترك الذي يردد في المقاهي، فكلام المقاهي لا يصلح للسياسة ولا للصحافة ولا للعلم، فكيف يمكن أن نقبله في البرلمان المغربي؟ أما فيما يخص علم أو فن التواصل السياسي فقد تعلمنا دروسا كثيرة بالمعهد العالي للإعلام الإتصال بالرباط، يأتي السيد الوزير عبد اللطيف وهبي في أكثر من مرة( ليس لوحده للأمانة) وأكثر من مناسبة ليقول لنا أن ما درستموه لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يهمنا تطبيقه، الجامعة في واد ونحن في واد أخر، أنا وزير وحصانتي تسمح لي بالتكلم كيف ما أريد، بلغة الجسد التي أريدها،بنبرة الصوت التي تناسب حصانة منصبي، وبمضمون الخطاب الذي يناسب ما أعتقده صحيحا، ونسي الوزير كذلك أنه هنا يسيئ للفاعلين السياسيين،ولعلاقة الصحافة بالسياسة في بلادنا بصفة عامة كما وضحت ذلك بلغة العلم الذي يجب أن نقدره تقديرا لدور الجامعة المغربية في محاولة التأطير الجماعي للسياسي والإعلامي وللرأي العام وخاصة في مرحلة تدبير الأزمات أو إحداثها أو معالجتها.
حصانة الصحفي وحصانة الوزير أم حصانة القانون
يقول السيد الوزير المحترم عبد اللطيف وهبي أن الصحفي لديه حصانة تسمح له بقول ما يريد، وهذا غير صحبح، الصحفي ملزم بااحترام أخلاقيات وضوابط المهنة، ملزم بالأدب والأخلاق في تعامله مع قضايا الوطن والمواطنين، ملزم باحترام المؤسسات مهما اختلف مع الأشخاص اللذين يديرونها، فمثلا حتى لو اختلفنا مع نقيبنا عبد الكبير اخشيشن يجب أن نقدر المؤسسة التي يشرف عليها، حتى لو اختلفنا مع مجاهد لا بد من الدفاع عن المجلس الوطني للصحافة، حتى لو اختلفنا مع بنسعيد يجب أن نقدر ما تقوم به وزارتنا في جوانب معينة، ومع احترامنا لمؤسسة وزارة العدل والحريات فنحن نختلف مع السيد الوزير هنا، الوزير الذي يرافع في البرلمان، بقبعة المحامي في شخص الوزير لتسقط حصانة الصحفي، والمفترض فيه تعزيز تلك الحصانة في إطار القانون، خاصة أن المغرب فتح مؤخرا صفحة جديدة مع معتقلي حرية الرأي والتعبير، وأخص بالذكر، سليمان الريسوني ورضى الطاوجني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين، ناهيك عن ترأسه للجنة أممية تعنى بما نتكلم عنه، اسمحلي السيد الوزير المحترم، هكذا تخيلت المشهد، تخيلت نفسي على الأقل في قفص الاتهام، وأنت محامي الخصم ( الذي لا أعرف صراحة من يكون) فالعلاقة بين الصحافة والسياسة على مر التاريخ في المغرب لم تصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، رغم أنني لم أكن لوحدي، إنها محاكمة جماعية للصحافة والصحفيين، ولأنك “السيد الوزير المحترم” وزير العدل والحريات، يحق لك أن تحاكمنا، وأن تسيئ لمهنتنا، من حقك أن ” ترهبنا وتخيفنا ” بتصريحاتك، كيف لا نخاف؟،علما أننا فعلا لا نخاف ما دمنا نحترم القانون ونقدر مؤسسات بلدنا، كيف نشعر بالأمان معك السيد الوزير المحترم؟، لا نشعر به في الحقيقة مع وجود مثل هذه التصريحات، ولكن هيهات، تعلم هذا الدرس جيدا السيد الوزير المحترم، أذا قبلت أن تتعلم منا ما ينفعك فيما تبقى من ولايتك، والبقاء لله وحده، ما تكلمت عنه بكونه حصانة للصحافة، ولأنك رجل قانون قبل آن تكون وزيرا، هو قانون السيد الوزير، قانون أشر عليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وطبع في الجريدة الرسمية، إسمه قانون الصحافة والنشر، ولا نقبل طمسه وتعويضه بالقانون الجنائي، وبتصريحاتك الحكومية تضرب عرض الحائط روح القانون الذي تنتمي لجسمه كمحامي، وهذا القانون، ليس حصانة، بل هو تأطير قانوني لمهنة ليست ككل المهن، مهنة محفوفة بالمخاطر، ويجب أن تحصن بالقانون، لأن الصحافة الحقيقية مزعجة جدا مثلها مثل علم الإجتماع على حد تعبير أحد العلماء، والصحافة لم تولد مع ميلاد محمد الشنتوف أو حميد المهداوي مثلما أن السياسة لم تولد مع عبد اللطيف وهبي أو المهدي بنسعيد، للسياسة ضوابط وأخلاق في السلوك والممارسة مثلما أن للصحافة ضوابط وأخلاقيات، وعبر العالم تعامل معاملة خاصة، حتى في الحروب وفي ساحة المعارك، لا تقترب الجيوش المحترمة من عدسات الصحفيين وأقلامهم باستثناء الجيوش المتخلفة المتعطشة للدم، وانت أدرى بمن أتحدث عنهم هنا، بل وتحميهم في بعض الأحيان، أما من لا يحترمون هذه المهنة المقدسة ويريدون ” تكميم الأفواه” ويقومون ليس “بالقتل الرمزي” فقط للصحفيين مثلما فعلت بالبرلمان السيد الوزير المحترم، والقتل الرمزي خطير جدا ويجعلنا كصحفيين مجرد مرتزقة أمام المجتمع، لا يهمنا إلا من يدفع أكثر، وهذا غير صحيح، لا ندعي الطهرانية ولكن هذه حقيقة مم الحقائق التاريخية، وسجل الصحافة المغربية مليئ برجال وسيدات الصحافة اللذين ضحو بالغالي والنفيس من أجل مهنتهم وبلدهم، تلك الجيوش المتخلفة تقتل الصحفببن والصحفيات بالسلاح، هم يواجهون الصحافة بالبندقية وأنت تواجهها بالكلمة والسلطة الحكومية، نحن في الحقيقة لا نريد لهذا المشهد أن يكون ولا أن يستمر، وكم كنا نتمنى أن تكون علاقتك بالصحافة بمن فيهم الزميل حميد المهداوي جيدة، وأن تجيبه عن بعض الأسئلة التي طرح، وتوضح له ما لم يكن موفقا في طرحه، وأن يكتب تصحيحا واعتذارا، ويمنحك حق الرد مثلما تنص عليه قوانين “الحصانة الصحفية” على حد تعبيرك، وأن تقوم صحافتنا بدورها في إطار مهني دون صراع مع السياسة، او في خضم علاقات مشبوهة، يمكن أن نطلق عليها لفظ ” العلاقة الرضائية ” ورغم أنها رضائية، فهي علاقة فساد في نهاية المطاف، ودون ” وجود من اتهمتهم بالرشوة” وبالعودة لحصانة الوزير والبرلماني، فتلك هي الحصانة الحقيقية، التي من حقنا كصحفيين مناقشتها، ماذا عن الامتيازات الخيالية التي يحظى بها السياسي عموما والوزير بصفة خاصة؟ ماذا عن ملفات الفساد ااتي تم التحقيق فيها من طرف النيابة العامة؟، ماذا عن تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟ ماذا عن ااسياسيين الكبار المتهربين من الضرائب أو اللذين يملكون البر والبحر في بعض القطاعات بعيدا عن توجيهات مجلس المنافسة؟ هل تبث على صحفيين انخراطهم في ملفات بذلك الحجم من الفساد؟ إذا افترضنا أن حصانة الصحفي تمنحه مجالا ليقتات على فتات فساد مفترض، فماذا تفعل حصانة السياسي السيد الوزير المحترم؟ ودون الحديث عن فساد يرتبط بالمال العام لنتحدث عن فساد السلوك السياسي والبرلماني؟ ماذا يعني أن يغيب نصف البرلمان بمن فيهم برلمانيون من حزبك في جلسة التصويت على قانون الإضراب؟ ماذا يعني أن لا يجيب الوزراء على نسبة كبيرة من أسئلة البرلمانيين الكتابية بمن فيهم وزراء حزبك؟ ماذا يعني أن يغيب الوزراء على جلسات البرلمان بغرفتيه؟ هل جاز للسياسي في المغرب(دون تعميم) أن يقدم لنا الدروس في الأخلاقيات؟ هل جاز لمن بيته من زجاج(دون تعميم) أن يرمي الناس بالحجر؟ على الأقل في حدود الأمثلة التي قدمناها لسيادتكم.
السلطة الحكومية والسلطة الرابعة وسلطة الإشهار
على ذكر مفهوم السلطة الحكومية، هل سمعت السيد الوزير المحترم عن ” السلطة الرابعة؟، وعن سلطة الإشهار؟ ولماذا هناك حصانة في المغرب والعالم لسلطة الصحافة؟ وتأطير للعلاقة بين السلطة الحكومية وسلطة الصحافة فيما يرتبط بسلطة الإشهار؟ ببساطة لتناقش المواطن والمسؤول بكل شفافية ومسؤولية من جهة، ولأن هذه الحصانة ليست خارج القانون بل هي قلب القانون وتتجلى من خلاله مظاهر سموه ورقيه، المشرع هنا أراد أن يمنح للصحافة فرصة للتمويل، خاصة في فترة البدايات، وهو تمويل للقارئ وليس للمؤسسة، قبل أن يحين وقت الدعم الحكومي الذي يأتي متأخرا للأسف بسنتين كاملتين، لتجد المقاولات المبتدئة نفسها في فم المدفع وهذه قصة أخرى قد أحكيها لك يوما ما، السيد الوزير المحترم، علمتنا حصانة الصحافة أن لا نخلط بين الإشهار والإعلام، وأن لا نخلط الأوراق مثلما فعلت في خرجتك البرلمانية، فلكل مقام مقال، نحن كمؤسسات صحفية تجمعنا علاقات مادية قانونية مع المؤسسات والاشخاص، فالإشهار هو حقنا الذي نتواصل في إطاره مع العديد من المسؤولين والوزارات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص لطلبه، من يؤمن بنا ويؤمن أساسا بالقانون يقرأ المشاريع التي نقدمها ويوافق عليها ويدعم الصحافة الجادة ولا يناقش معنا خطنا التحريري أو يريد تحويلنا لكتاب عموميين، ومن لا يؤمن بالقانون وبالحق، يخلط بين أوراق الإشهار وأوراق الصحافة ويرفض مثلا منح الإشهار لمؤسسة معينة لأنها تنتقد سياسيته الفاشلة، وهنا حديث كبير عن ما يسمى بالنموذج الاقتصادي للمؤسسات الاعلامية في المغرب؟ وهناك مثال حي على ما أقول وقع مؤخرا بين مؤسسة اتصالات المغرب ومؤسسة هسبريس، عندما انتقدت هسبريس المدير العام أحيزون بصفته الأولمبية الفاشلة، قرر سحب عقد الإشهار من المؤسسة الصحفية، وفي ذلك الوقت طرحت سؤالا: هل يتصور المسؤول المغربي أنه يشتري المؤسسات الصحفية بالإشهار؟ أما ثقافة ” الرشوة” فهي موجودة فعلا، والإشكال ليس في الصحفي السيد الوزير المحترم وأنا أعرف أنك تعرف ذلك، بل أولا في مؤسسته والمؤسسات عموما التي لا تستجيب لنداء المؤسسات الواضح والشفاف وتفضل كولسة العلاقات، شخصيا تواصلت مع أحد المشتغلات بأحد الدواوين الوزارية وقالت لي أن مؤسستها لا توقع عقودا مع المؤسسات الصحفية؟ إذا كيف نتعامل مع هذه المؤسسة ؟ أخبرني أنت كيف نتعامل مع هذه المؤسسة؟ المشكل إذا في المسؤول و السياسي الذي يستغل أحيانا وضعية الصحفيين المزرية ببعض المؤسسات ويتاجر في مآسيهم ويشتري ذممهم، ولا يقبل الانخراط في المجهود المؤسساتي لتحصين المهنة، من أجل أن تكون المؤسسة قادرة على توفير أجرة الصحفيين بما لا يدفعهم “للسعاية”، و ليأتي غدا ويقول في المقاهي”هاداك ديالنا .. عطيه شي بركة يقول لي بغيتي” ، ومن المقاهي ومن الفضاءات المغلقة الى البرلمان بجلالة قدره، نجد وزيرا للعدل يردد هذا الكلام، نعم كلام الوزير صحيح عندما نتحدث عن استثناءات، ولكنه غير صحيح عندما نتحدث عن الجسم الصحفي، هناك صحفيين مثلا في هسبريس والصحيفة ومغرب بريس تيفي، من المستحيل شراء أقلامهم، يمكن التفاوض للقيام بأدوار إشهارية وتواصلية لما يقوم به السياسي أو المسؤول، لكن من المستحيل أن نكتب عنك مثلا بسوء لأن زميلا لك طلب ذلك، عندما تقوم بما يستدعي المدح نمدحك وعندما تجانب الصواب ننتقدك، يمكن أن تتعامل المؤسسة بديبلوماسية مع البعض في إطار توازنات معينة لكن إذا شعرت شخصيا أن علاقة الإشهار القانونية التي تجمعنا بهذا أو ذاك تتحول لعلاقة شراء الخط التحريري، فلا مشكل لدينا في إنهاء عقد الإشهار والمحافظة على العقد الاخلاقي الذي يجمعنا بمهنتنا والأرزاق بيد الله في نهاية المطاف، أنت تعرف السيد الوزير أن سلطة الإشهار قد تؤثر فعلا على سلطة الصحافة وتشوه علاقتها بالسلطة الحكومية، وكم كنا نتمنى لو ساعدتنا في ولايتك هذه ومعك العديد من السياسيين والمسؤولين على تخليق هذه العلاقات المهنية لما يخدم مصالح بلدنا ويخدم الإعلام المهني، وأحيطك علما أنه من خلال تجارب معينة، هناك سياسيون نزهاء وشرفاء لا يحاولون شرائنا حتى بالإشهار القانوني، فما بالك بالرشوة والفساد الأخلاقي والمهني، وهناك بصفة خاصة رجال وسيدات دولة لا نجد معهم أدنى مشكل في هذا النقاش، ويدعمون المشاريع الإعلامية الجادة فقط لأنها جادة، ونحن بالتأكيد نحترم ونقدر من يحترمنا ويقدرنا في إطار ما يسمح به القانون.
تعريف الصحافة بين وهبي ومرجعيات العمل المهني.
تكلم السيد الوزير المحترم وعرف الصحافة بكونها ” الخبر وتحليله”، (صافي ا السيد الوزير مهمتنا هي نقل الاخبار وتحليلها) ماذا عن الأجناس الصحفية الأخرى؟ الروبورتاج والتقرير والرأي والتعليق والتحقيق كجنس من أكبر الأجناس الصحفية وطنيا وعالميا، شخصيا أشتغل على تحقيقات صحفية منذ شهور، أبحث في ملفات حارقة، هناك ملفات استغرقت مني شهورا ولم أنشر حولها حرفا واحدا لأن ما توفر لدي من معطيات لا يسمح، ورغم أن ما توفر لدي في ملفات معينة كافي، لا زلت أبحث وأدقق أكثر، كي لا أظلم أحدا عندما أنشر، فهذه أمانة السيد الوزير، أمانة ثقيلة جدا، الأمر لا يرتبط بالخوف من القضاء وإنما بالخوف من الله، وهناك من الصحفيين من يحافظ على ما يلزم من احترام للضوابط والاخلاقيات ليكون أهلا لحملها، هل أتوقف عن هذا العمل؟ هل أخرق قانون الصحافة وضوابطها وتعريف الصحافة التي يؤمن به السيد الوزير؟ ” وأكتفي بالخبر وتحليله؟ ثم عندما تتحدث عن كونك كسياسي كنت تقول كلاما في المعارضة وأصبحت تقول عكسه في الحكومة عن حرية الرأي والتعبير، هل يجوز أن تعترف بهذا ؟ ألا تفهم خطورة ما تصرح به؟ هل هذا السلوك أخلاقي لتطالبنا بالاخلاقيات وتهاجمنا؟ وما الجدوى من وزارتنا الوصية ومن المجلس الوطني للصحافة ومن النقابة الوطنية للصحافة؟ ومن المعهد العالي للاعلام والتواصل وباقي مؤسسات التكوين، علينا إغلاق هذه المؤسسات، والتوقف عن الحديث عن ما له علاقة بالتدبير الذاتي للمهنة، يمكننا الحديث عن التدبير القطاعي للمهنة، أو التدبير العام للمهنة، لنقول أن لجميع الوزراء والسياسيين والمواطنين حق التنظير والتحدث عن مهنتنا بالطريقة التي تناسب وجهة نظرهم، كل المهن تحترم إلا مهنة الصحافة، الكل يتطاول عليها مع كل الاحترام للمقامات والمناصب، هل هذه حرية تعبير السيد الوزير؟،أم تطاول على مهنة محصنة بالقانون وبمؤسسات تدبرها؟ هل من حقك أن تعبر كما تشاء عن مهنتنا ولا نعبر نحن في مهنة حرية الرأي والتعبير المكفولة بالدستور بعيدا عن القانون التنظيمي الخاص؟ أعتقد أن الغاية من كتابة هذا المقال قد كشفت، والعنوان يلخص المعنى “وهبي يخلط الأوراق في البرلمان ونحن نرفض المساس بحصانة الصحافة” القانونية”، هذا دون أن أنسى أن الدعوة للحوار لا زالت مفتوحة، ويشرفنا إجراء حوار مع وزير من طينة خاصة، من المؤكد أن المغرب والجسم الصحفي بصفة خاصة لن ينساه، رغم أن محمود درويش قال يوما ما” تنسى كأنك لم تكن” .
مدير النشر، باحث ومستشار في لإعلام والتواصل وتدبير الأزمات.*