طقوس رمضانية دخيلة على المجتمع المغربي: بين الاستهلاك المفرط وانفلات الأخلاق
أسماء النعيمي|ونحن على مشارف توديع الشهر الفضيل رمضان المعظم لعام 1446 هـ، الموافق للخامسة والعشرين بعد الألفين م، نشاهد الكم الهائل من التغيرات التي طرأت مؤخرًا على الطقوس الرمضانية في بلدنا الحبيب ؛هذه الطقوس التي تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن العوامل المشتركة بينها كثيرة، بدءًا من هوس الاقتناء المفرط للمأكولات، وكأنها ستختفي من الأسواق، مرورًا باستغلال التجار لهذه الفترة، وانتهاءً بالعادات السيئة التي تؤثر على الصحة ومع ذلك، يبقى الأخطر هو التحولات التي مست سلوكيات البشر، حيث تنكشف المعادن الحقيقية لكل شخص في هذه الأيام المباركة.
رمضان.. موسم الاستهلاك بدل العبادة؟
تحوّل رمضان لدى فئة عريضة من المجتمع إلى موسم استهلاكي بامتياز. حيث نجد الأسواق تعج بالمتسوقين الذين يتهافتون على شراء كميات ضخمة من المواد الغذائية الأساسية،”. في المقابل، يستغل بعض التجار هذا الطلب الكبير لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، مما يخلق جوًا من الاحتقان بين أوساط المواطنين الذين يجدون أنفسهم بين سندان الحاجة ومطرقة الغلاء.
ومع ذلك كل هذا متجاوز لكن الأسوأ هو ما نراه من تغيرات على طبائع البشر حيث يتعرى كل واحد منا في هذه الايام المباركة ويظهر المعدن الاصلي لنا جميعا
ففي الايام العادية من السنة كل تصرف سيء ينسب لوسوسة الشياطين اما خلال هذا الشهر فكل تصرف بادر من اي منا فهو مقرون بمعدن الشخص وبقدرته على ضبط وتهذيب النفس اذ ننصدم في كل مرة بأشخاص يتظاهرون بالطيبة لكن حينما تجوع البطون يصبحون أشرس من حيوانات الغاب
أزمة الأخلاق في شهر التهذيب
إلى جانب هذا النزوع الاستهلاكي المفرط، برزت ظاهرة أخرى أكثر خطورة يجب الالتفات لها وهي الأزمة الأخلاقية
وهنا نتحدث عن فئة عريضة من مجتمعنا للاسف التي يصبح عددها في تزايد مع مرور الأعوام لذلك وجب الانتباه لها كي نسترجع اخلاق امتنا ونسترد هويتنا المسلوبة بسبب مغريات الحياة التافهة حيث تتصاعد السلوكيات العدوانية خلال النهار فمع الجوع والعطش، يصبح البعض أكثر انفعالًا، يتعاملون بعصبية مفرطة في الشوارع، الأسواق، وسائل النقل، وحتى أمام أبواب المساجد. وما يثير الاستغراب أن هؤلاء أنفسهم تجدهم بعد لحظات من التصرف بعدوانية، يدخلون لأداء الصلاة ويرددون “آمين” خلف الإمام، وكأن العبادة باتت عادة بلا جوارح .
هذا التناقض الصارخ بين المظهر الديني والسلوك اليومي يجعلنا نتساءل: هل أصبح رمضان مجرد شهر للطقوس الشكلية بدل أن يكون فرصة حقيقية لتهذيب النفس وضبطها؟
استعادة روح رمضان الحقيقية
مع مرور السنوات، أصبحت هذه الظواهر أكثر انتشارًا ما يدفع للتساؤل عن الأسباب الحقيقية لهذا التغيير.
لا شك أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ساهمت بشكل ما في تغذية هذه السلوكيات. لكن يبقى الحل بيد المجتمع نفسه عبر إعادة الاعتبار للقيم الأخلاقية ، الحد من التبذير، وتعزيز روح التضامن والتسامح.
ونتذكر ان نبعا أن رمضان ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب، بل هو مدرسة للأخلاق وتزكية النفوس .فإذا نحن مستعدون لاستعادة القيم الأصيلة لهذا الشهر الكريم فعلى كل واحد منا أن يبدأ من نفسه .