لا فرق بين المهداوي والشرعي.. في حرية الرأي والتعبير وفق قانون الصحافة والنشر
هنا، هناك تعبير عن رأي، وحرية يكفلها قانون الصحافة والنشر، ولا قبول ولا تصالح مع فكرة أو سلوك إدخال ما له علاقة بالرأي في عوالم القانون الجنائي مثلا، فقانون الصحافة يعطي الحق لمن يصيبه هذا الرأي مثلا ” بسوء مفترض” أو بسوء تترجمه التأويلات لا الحقائق والمعاني الواضحة، تعطيه الحق ليطالب المؤسسة الصحفية بالحق في الرد، وإن صدق رده فذاك ما نريد، ويلزمنا بنشر تصحيح واعتذار، وتطبيق ما يلزمنا به قانون الصحافة والنشر، ويدفعنا للتنبيه إلى خطر مفاده ’’ لا مصادرة للحق في التعبير من طرف أي كان، في دولة الحق والقانون والمؤسسات’’، ولا قبول لهذا التوجه مهما كلفنا الأمر.
إن علاقة المؤسسات بالصحافة يجب أن تنبني على العمل المهني والإحترام المتبادل، لا احترام لمن لا يحترمنا، ولا تعامل مع من لا يقدرنا خير تقدير، وسنؤكد في ما سيأتي، أن العمل المهني سلاحنا في التعامل مع من يبحثون في بنود القانون الجنائي عن ما يديننا كصحفيين، ولا تمييز في حرية الرأي والتعبير، وفيما تنص عليه القوانين بوضوح تام، وما دام المهداوي والشرعي سواسية أمام منطق حرية الرأي والتعبير، وقانون الصحافة والنشر، فعلينا أن نناقشهما معا، ونتأمل رأيهما معا على ضوء رأي ثالث سأعبر عنه و ’’ أعتقد أنه متزن ويحترم رأيهما بدرجات متفاوته ووفق ما يسمح به الإختلاف في الرأي وما تحتمه علينا هذه المهنة الموقرة من نضج في التعبير عن الرأي الثالث’’
من باب الإختلاف، نعم أختلف مع المهداوي في أمور معينة، وأتفق معه في أمور أخرى، وأختلف مع الشرعي في أمور دقيقة، وأتفق معه في أمور أخرى، لكن لدي سؤال: ما دامت مهنتنا الموقرة تجمع المهداوي بالشرعي في قوانين موحدة، فهل علينا المطالبة بمتابعة الشرعي، لأنه أشاد برجل أدانته المحكمة الجنائية الدولية؟ ولم يحترم مشاعر العديد من المغاربة؟ وغرد خارج الخطاب الرسمي لمؤسسات رسمية مغربية تدعم القضية الفلسطينية بشكل واضح وعلى رأسها المؤسسة الملكية؟ أعتقد أننا بحاجة للفهم ؟ أم عليه فقط أن يكتب اعتذارا للمغاربة اللذين أزعجهم رأيه؟ أم له الحرية فيما يقول ويفعل مهنيا؟، وللمهداوي الحرية فيما يقول و يفعل مهنيا، وخاصة في إنجاز بعض التحقيقات الصحفية المزعجة للبعض؟
مثلا أتفق مع الشرعي عندما يحرك قلمه ليدافع عن الوطن وقضاياه من الزوايا التي تناسب ” حرية الرأي الذي أتبناه”، عندما يتحدث الشرعي عن الجارة الشرقية مثلا، بما يلزم شعبها الجزائري الشقيق من تقدير واحترام، وبما يلزم مسؤوليها من توضيح لمغالطاتهم وخزعبلاتهم، في إطار الاحترام والتقدير ” لسلطة الصحافة وأمانة الكلمة”، فأنا معه، لكن أختلف معه تماما ” وأحترم رأيه مهنيا لا إنسانيا” لأنه ببساطة حر في رأيه الصحفي، أختلف معه فيما يختلف معه المختلفون، فكلنا مغاربة لا إسرائيليون، وأتفق مع المهداوي عندما يبرهن في اكثر من مرة أنه صحفي من العيار الثقيل في مختلف القضايا، صحفي مزعج، والصحفي عليه أن يكون مزعجا ’’ في إطار مهني دائما’’، و عندما يتبنى القضايا التي خلق الصحفي ليتبناها، وعندما يحاور مختلف الفئات والشخصيات على نفس المسافة، لكنني اختلف معه عندما يتسرع، فقط ” عندما يتسرع” وهذا مجرد تقدير، قد أجانب الصواب فيه، فالكلام عن الزملاء يجب أن نحيطه بالتقدير الواجب لهم ولما يفعلونه مهما اختلفنا معهم، نعبر عن رأينا في عملهم دون أستاذية أو تقليل منهم ومن مجهوداتهم، والمهداوي جاز له أن يكون من الصحفيين اللذين سيسجل تاريخ الصحافة المغربية إسمهم بماء معتق بالذهب، لعدة اعتبارات، مهما اختلفنا معه، لا بد أن نعترف له بهذا، بعيدا عن أي مجاملة، وإخفاء للحقيقة لغاية في نفس يعقوب.
أما قضيته ’’ أي المهداوي ضد وهبي’’ فقد تابعتها بدقة، وفي إطار الاختلاف، أختلف مع المؤسسات المحترمة التي تابعته بالقانون الجنائي، مع كل الاحترام والتقدير لها ولنظرتها للأمور، وتكييفها للقوانين، ونعبر عن احترامنا للقضاء ولجل المؤسسات، لكن هذا لا ولن يمنعنا من التعبير عن رأينا في كل الإتجاهات، رأي يعتبر شعار’’ الله الوطن الملك’’ خطه التحريري، والبقية سواسية أمام سلطة الصحافة ونبض القلم، ولا يمكن أن اكون ضد الزميل المهداوي او ضد أي صحفي يتابع لأنه عبر عن رأي أو طرح سؤالا، أو قام بعمل صحفي أزعج مسؤولا ما، ولنا عودة مفصلة في موضوع الزميل حميد المهداوي والوزير عبد اللطيف وهبي، ’’ بشكل مهني ودقيق سيأتي في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة’’، ما الذي سيفعله الصحفي إذا لم يطرح سؤالا؟ ويعبر عن رأي؟ ويحقق في ملف؟ ويصدر تعليقا أو تحليلا ؟ ، هل علينا أن نخصص بعض الوقت لتقديم بعض الدروس لمن يهمهم الأمر؟ لنشرح لهم أدوار الصحافة ومعنى الرأي والتعليق والسؤال والتحقيق في الصحافة؟ هل نسي البعض أن التحقيق الصحفي من بين الأجناس الصحفية الكبرى، وأن الصحافة الاستقصائية هي أم الصحافة عالميا؟
من ضمن وظائف الصحافة، ” الإزعاج”، ولكنه إزعاج لصالح الوطن، إزعاج مؤسساتي يحميه القانون من غطرسة البعض، من ولد حرا لا يخاف، ولن يخاف ما دام يحترم القانون والمؤسسات، إذا كان السجن سيأتي دفاعا عن الحرية وعن المهنة فأهلا وسهلا به، هذا منطق الأحرار في جميع بقاع العالم، ما هي مشكلتي مثلا مع عزيز أخنوش، أو عبد الاله بنكيران ، او غيرهما من المسؤولين؟ والله لا مشكلة، حتى لو غضبت منهما كمواطن، فأنا ملزم باحترامهما كصحفي وبالاشتغال معهما وفق ما ينص عليه القانون، سواء في إطار الإشهار كحق من الحقوق في إطار دعم المشاريع الشبابية وهلم من الشعارات، أو التغطية الإخبارية المجانية كواجب من الواجبات إذا كان الخبر في إطار الخط التحريري ومصلحة الوطن وقضاياه الكبرى، و في المسائلة الصحفية كضرورة من الضروريات إذا انحرف المسؤول عن سكة العمل الوطني وفق التوجيهات الملكية السامية، كن من شئت يا سيدي فأنت تحت مجهر السلطة الرابعة، شئت أم أبيت، وإذا أردت أن تعاملك باحترام باحتمها واحترم واجباتك تجاه الوطن والمواطن، أعتقد أن هذه هي مجالات العمل المشترك بين الصحفي والسياسي، أو المقاولة الصحفية ومؤسسات الدولة، أم أنني مخطئ؟
هذا سؤال مفتوح : كيف تتصورون علاقتكم كمسؤولين بالصحافة؟
وهذا جواب مغلق: أنا كصحفي ملزم بإزعاج المسؤول ومراقبة سياسته، والإخبار بما قام به في إطار ما يعتبره إنجازا، ولا رأي لي الخبر، أنشر ما تقوله المعارضة وما تقوله الأغلبية ولا رأي لي فيهما، أنا أقوم بوظيفة الإخبار هنا فقط، لكن ماذا لو علقت بتعليق أو رأي أو تعمقت في تحليل سلوك أو قرار مؤسساتي ما؟ هل هذا مرفوض في قانون الصحافة الخاص ببعضكم ؟ هل هذا الأمر سيجعلني عدوا لكم؟ هل سيجرني للسجن؟ هل من الضروري أن أقول ’’ أن العام زين وأكتفي’’ ؟ أعتقد أن دورنا الصحفي يحتم احترام قاعدة التوازن في المادة الإخبارية بين المعارضة والأغلبية على سبيل المثال، والحفاظ على توازن المادة الإعلامية التي تنتجها المؤسسة الإعلامية التي أنتمي لها وأديرها في هاته الفترة مثلا، مؤسسة تخضع للقانون من ألفها ليائها، وأعتبر ان رأي ” الشرعي” يمكن إدخاله ضمن وظيفة الإزعاج، ولكنه حر، حر في إزعاج أي كان برأيه وتعبيره، واختيار من يزعجه، ونحن أحرار في التعليق على رأيه، بطريقتنا التي قد تزعجه كذلك، وبعد المرور من حكايات الإزعاج هاته، أعتقد أنه كان من المفترض أن نجتمع كصحفيين على ما يخدم مصالح بلدنا، وما يخدم مهنتنا، التي تتعرض للإساءة من كل حدب وصوب، ناهيك عن حكاية الرغبة الرسمية في إعدام المقاولات الصحفية الصغرى ودعم الكبار فقط، حسب الاتفاق الذي أعلن عنه كل من فوزي القجع والمهدي بنسعيد، بما يتنافى مع الرؤية الملكية، لدعم المشاريع والمبادرات الصغرى، وخاصة الشبابية، وصاحب القرار وزير للشباب ؟( لنا عودة دقيقة في الموضوع) بل هناك وزارة للمقاولات الصغرى، يأتي هذا القرار عكس توجهاتها، أم، ولكون هذا القرار يصب في صالحكم ’’ السي الشرعي’’ فلا رأي ولا تعليق لك حوله؟ ، متى سنجتمع كجسم صحفي لنكون في الصفوف الأمامية للدفاع عن مصالح المهنة بصغارها وكبارها؟ ولنذكر من يهمهم الأمر بوظائف مهنة الصحافة، التي أصبح الجميع يتطاول عليها، ماذا يعني أن يتابع المهداوي بالقانون الجنائي ’’ أ السي الشرعي’’ ، هذا الموضوع لا يعني لك أي شيئ، بالمقارنة مع أهمية الدفاع عن الرئيس الإسرائيلي؟
الخبر مقدس والتعليق حر ، مقولة للمغفور له، الراحل الملك محمد الخامس.
الخبر المقدس هنا يقول أن الشرعي كتب كلاما مزعجا عن كيان مزعج اتفق العالم بما فيهم المحكمة الجنائية الدولية على إدانة رموزه، وبما أن التعليق حر، مثلما قال الراحل المغفور له الملك محمد الخامس، فتعليقي الحر يشير إلى رفض ما كتب جملة وتفصيلا، وبلغة القانون، كل القرائن واضحة ضد المجرم ووزيره، بغض النظر عن أي حساب، سياسي كان او غير ذلك، إنسانيا لا يصح ما قاله، ومن حقه “اي الشرعي” أن يتشبث برأيه، وسأقول له في النهاية” انت حر االسي الشرعي”، فالشرعي ليس ملزما بتبني رأي الشنتوف، والشنتوف ليس ملزما بتبني رأي المهداوي، ولا أحد مطالب بإقناع الاخر برأيه، الآراء توجد لنناقشها وفق أدبيات النقاش والحوار والتواصل الذي يجمعهما، والرأي الاول والاخير للرأي العام من جهة، وللقانون من جهة ثانية، والقانون هنا، هو قانون الصحافة والنشر، أما القانون الجنائي، لا علاقة له بشؤون المهنة، هل نجهل هذا الخطر الذي يحوم بمهنتنا؟ هل نعتبره عاديا لأنه يمس الإن المهداوي؟ هل نسلم أخانا المهداوي وهو يحاكم بقانون لا علاقة لها بنا كصحفيين وله كل التقدير منا كمواطنين؟ هل نجهل كصحفيين ان للرأي العام رأي يجب أن نأخذه بعين الاعتبار في إنتاج موادنا الإعلامية، فعامل القرب من بين محددات إنتاج المادة الإعلامية، فمن الأقرب لنا كمؤسسات إعلامية مغربية، المغاربة أم الإسرائيليون؟، فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، ورئيس لجنتها، ملكنا محمد السادس، أم إسرائيل المحتلة، التي لم تعد ترفع شعارات الموت للعرب فقط، وإنما أكدت في حربها الأخيرة، أنها ترفع شعار الموت للإنسانية، فمن الأقرب إلينا إنسانيا حتى؟ من يدافع عن أرضه وأطفاله، من يحتل ويقتل في فلسطين ولبنان ، أليست للحروب أخلاق، وللكتابة كما للصحافة أخلاقيات؟