عزيز غالي بين الوطنية والأممية.. أخطأ ولم يخطأ
علينا ان نفرق بين الموقف الشخصي والموقف المؤسساتي، ثم بين الرأي والتعليق في القضايا الوطنية، ليس هناك أدنى شك في وطنية عزيز غالي، ولا يمكننا أن نشك في وطنية الرجل لمجرد تصريح يحمل بين طياته الصواب والخطأ في الٱن نفسه ..كيف ذلك؟ ولا يطوي مجهوداته المحترمة في العديد من القضايا، إنما هنا اختلط الأممي بالوطني،وضاع عزيز غالي بين ما هو كائن وما يجب أن يكون وبين ما يمكن ان يقوله اعداء المغرب وما يجب أن يقوله المغاربة عن قضيتهم.
أمميا لم يخطأ.
لا يخفى على جميع المتتبعين لقضية الصحراء المغربية أن الموقف الذي تتبناه الأمم المتحدة، هو ما عبر عنه عزيز غالي، ويلتزم به المغرب في إطار قواعد التواصل الديبلوماسي الغير مبني على قاعدة التفاوض كٱلية ديبلوماسية، لأن المغرب لا يتفاوض على الصحراء، وإنما المبني على قاعدة ” الموائد المستديرة” باعتبراها الية من الٱليات الأممية الديبلوماسية التواصلية، التي تتيح لأطراف متنازعة حول قضية ما، التواصل لإيجاد حل يرضي الأطراف المعنية، مع تقديم مقترحات حلول معينة، كمقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب منذ 2007، والمغرب هنا يؤكد مرارا أنه لا يتفاوض وإنما يتنازع مع بلد جار ينازع المغرب على أراضيه، أين المشكل إذا ؟ ولنستحضر هذا المقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء دون التعليق عليه:
“لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته.”
الأمر واضح أليس كذلك؟. لنمر..
وطنيا ..أخطأ.
هي مشاكل متعددة في موقف عزيز غالي ورأيه وتعليقه، من ناحية الموقف المؤسساتي، فالجمعية الحقوقية التي يتبنى موقفها عزيز غالي توجد في المغرب، ولديها ترخيص قانوني من المغرب، وهذا لوحده دليل على أن هناك حرية مكفولة بالدستور والقوانين التنظيمية لممارسة العمل المدني او النقابي وطنيا، ولكن موقف الجمعية من قضية كقضية الصحراء المغربية، يجب أن يراعي الخطوط الحمراء في تناول قضايا الأمة والوطن، ومناقشة الرأي الأممي بحس وطني أكبر، مثلما يراعيها في القضية الفلسطينية عزيز غالي نفسه، فالنقاش حول المقاومة وحول جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة متعدد ويختلف من حين لاخر، بين إدانة من هنا، وتشجيع على ممارسة الحق في الإجرام من هناك، لكن موقف عزيز غالي لم يتزحزح، وظل داعما هو وجمعيته لقضية الأمة، فما قوله عن قضية الوطن؟ ، قال أنه يتبنى موقف الجمعية التي تتبنى الموقف الأممي، فإذا افترضنا ان الجمعية مؤسسة تخضع لرأي الاغلبية، فما القول الفصل بشأن الموقف الشخصي لعزيز غالي؟ اليس لعزيز مواقف شخصية تجاه أمور عدة بعيدا عن موقف الجمعية؟أما كان يجب على عزيز غالي أن :
يوضح اولا المعطيات أعلاه حول ما يدور في الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء وموقف المغرب وحدود التواصل الديبلوماسي بالنسبة له.
التعبير عن موقف شخصي او رأي شخصي، أو حتى تعليق على الموقف المؤسساتي للجمعية كي لا يتناقض مع نفسه، ويشرح حقيقة الملف، ويقول ببساطة، انا كحقوقي مع المرجعية الأممية، ولكن كمغربي انا مع الوحدة الترابية للمملكة… ببساطة ” أليس كذلك ؟”
أما بالنسبة للحكم الذاتي، هل يخفى على عزيز غالي التقدم الذي أحرزته المملكة في القضية والاعتراف الدولي الواسع بمغربية الصحراء من جهة واعتبار المقترح المغربي مقترحا جادا لحل النزاع المفتعل في إطار الموائد المستديرة، هل يستمع عزيز غالي لخطابات الملك؟ أم أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا تعتبر نفسها جمعية معنية بتوجيهات الملك بخصوص قضية الصحراء، أم أن المقصود بالمخزن بالنسبة للجمعية هو المؤسسة الملكية او ربما الملك ؟وبالتالي لا يعتد بتوجيهاتها؟ ما المقصود بالمخزن بالنسبة للجمعية ونريد أجوبة واضحة ؟ فهذه أسئلة تحتاج لأجوبة!!..لكن وبما أن الجمعية مؤسسة مدنية مغربية ولأن غالي مواطن مغربي، وفي إنتظار الأجوبة على تلك الأسئلة؟ لنذكر عزيز غالي وجمعيته بما قاله الملك في خطاب سابق:”
قال الملك محمد السادس نصره الله:
“إن المرحلة التي تمر منها قضية وحدتنا الترابية، تتطلب استمرار تضافر جهود الجميع”
الأمر واضح ولا يحتاج إلى توضيح، الملك هنا يخاطب جميع المغاربة بدون استثناء، ويقول ” حتى إذا كان هناك من لم يقتنع بمغربية الصحراء” يجب ان نتواصل معه ونقنعه بالحجة والدليل، وووجه الملك ” ليس صدفة او سهوا او لغوا في الكلام فقط” وجه كلامه مباشرة للمغاربة مواطنين ومؤسسات، فما محل الجمعية المغربية لحقوق الانسان من الإعراب هنا؟
نقطة أخيرة، هناك من يقول ” كل الدعم لعزيز غالي ضد حملات التشهير ” والمس بكرامته وكرامة اسرته عبر مختلف الوسائل، وضد الدعوة لاعتقاله، نعم نحن كذلك ندعم عزيز غالي في هذا الإطار، ولاننا نؤمن بالمؤسسات وحرية التعبير، نقول ان عزبز غالي بصفة خاصة وجمعيته بصفة عامة، عليهما مراجعة أنفسهم قبل فوات الاوان،فالتاريخ يسجل، وهم احرار فب الرأي، وهذا الموقف سواء كان شخصيا او مؤسساتيا لا يجوز أن يصدر من مغربي او اي مؤسسة مغربية، او على الأقل كان لزاما تقديم تعليق يبرأ المواطن عزيز غالي والجمعية المواطنة من تهم متعددة هي غنية عنها تواصليا،ما دامت الجمعية ومن باب الإشادة بما تقوم به على صعيد عديد من الملفات، واحتراما لهذا المجهود ولفلسفة حرية الرأي والتعبير ودولة المؤسسات، نعبر عن رأينا الرافض لهذا الرأي او الموقف، وندين عدم التوضيح والتعليق بما يتناسب مع الموقف والقضية، أما فيما يخص موضوع تجنب الحرب، فعزيز غالي ربما يعرف ان هناك مؤشرات ومعطيات معينة تقول بأن الجزائر فعلا تسعى للحرب، وتدفع الجبهة الانفصالية لممارسة مزيد من العداء تجاه المغرب، وتقول هذه المؤشرات وتلك الانباء او القصص التي تقول أن هناك حربا عسكرية قد تحدث بين المغرب والجزائر في سنة 2026، وأن المغرب لا يخاف الحرب وإنما يتجنبها ويكتفي بالرد الحكيم على استفزازات الخصوم، وبالتالي، ألم يكن على عزيز غالي تقديم هذه المعطيات ومعطيات اخرى كثيرة تؤكد مغربية الصحراء من جهة، وحكمة المغرب وصبره في إدارة هذا الملف؟ ألم يكن على عزيز غالي أن يقدم تعليقه الشخصي على الموقف المؤسساتي للجمعية وما تتبناه الامم المتحدة؟ ثم من له الأولوية، الأمم المتحدة أم الوطن؟