سنة 2025في قرى زلزال الحوز … الثلوج تزين جراح الوطن !
محمد الشنتوف*
في فيديو نيوز لجريدة هسبريس الإلكترونية، كان العنوان بارزا “الثلوج تحاصر الساكنة في الخيام بإقليم الحوز” الثلوج كانت تعطي منظرا جميلا، لكن جرح الوطن، يحول الجمال الى قبح ولا معنى ودليل على العبث في تدبير الأزمة.
تذكرت في لحظة ما عشته مع ساكنة الحوز أيام الزلزال، تذكرت البراءة التي إستقبلتنا بها أحلامهم البسيطة، تذكرت كيف استقبلتنا جراحهم، كرمهم ولطفهم، تذكرت الإنسان المغربي الأمازيغي الجميل، ساكنة المغرب المنسي، المغرب الذي إستقبلنا في لحظة جراح، وتذكرت لطف وكرم المغاربة في لحظة أزمة، وتذكرت ما قاله الفنان بوز فلو عن الزلزال والكاميرات، ووصلت إلى خلاصة مؤلمة تقول: ” ملي طفاو الكاميرات… الحوز تنسات”.
بعد مرور ما يقارب السنتين، الذكرى الثانية للزلزال، والخيام لا زالت على حالها، تلك الخيام التي هللت ذات يوم على قناة ميدي 1 تيفي بقدومها وفرحت بها هناك بأداسيل مع المواطنين ،فرحنا فرحة الأطفال بالمجهودات، كنت حينها صحفيا أقوم بمهمة من أجل الوطن، لم يكن الأمر مرتبطا بواجب مهني بل بواجب وطني، ولكن ما حسبت أننا كنا نعيش “دورا في مسرحية”، وهل كانت فعلا كل تلك المجهودات مجرد مسرحية؟ ماذا حدث بعد حواري مع الوزيرة المنصوري بقرية تكخت؟ هل ساكنة أداسيل سعيدة اليوم؟ ماذا بشأن ساكنة دوار تكسيت،وغيرها من دواوير الحوز ؟ هل قامت مؤسسة محمد الخامس للتضامن بدورها؟ هل قامت العمالة بدورها؟ هل تم تنزيل تعليمات الملك محمد السادس نصره الله كما يجب؟
في زلزال الحوز، كانت هناك مشاهد للفخر، بملك مبادر وشعب متضامن، غاب فيها دور المسؤول” السياسي”، ولكن هذا الغياب إستمر بعدما انتهى دور الملك والشعب، ما الذي منع المسؤول من الحضور كما يجب؟ وتطبيق تعليمات الملك كما يجب بعد الغياب؟ هل تنتظرون ان يتحول الملك الى وزير للصحة والتعمير والاسكان والماء والكهرباء وان يتحول الى ” قايد ” و”عامل” و”عون سلطة”، ولماذا يلام الصحفي؟ ما الذي على الصحفي أن يفعله ولم يفعله؟ هل تنتظرون منا ان نلوم السياسي فقط هنا؟ وما دور باقي السلطات؟ ما كنا نخشاه قد حدث،وساكنة الحوز ليومنا هذا ونحن على مشارف استقبال سنة 2025، لا زالت تصرخ، بل هناك أخبار عجيبة تتحدث عن اعتقال أحد منسقي حراك الحوز، تنسيقية ضحايا الحوز، من هؤلاء ؟ تمثيلية لساكنة الحوز تطالب بتطبيق تعليمات الملك؟ ما المشكلة في ذلك؟ التعليمات لم تطبق، الأمر واضح ؟ هل نخفي الحقيقة؟ وكيف سنخفيها؟ كيف سنزين عملكم الأسود في يوم أبيض ما؟ يقال أن مهلة بناء المنازل غير كافية؟ ويقال أن هناك من كان له حق الاستفادة ولم يستفد؟ ثم هناك حديث عن علامات استفهام كبيرة،وأسئلة تطرح.فما هي النتيجة الواضحة في ظل كل هذه المعطيات،ساكنة الحوز لا زالت تعاني، وربما ٱن الأوان لتقديم أجوبة واضحة عن كل الأسئلة التي تطرح في هذا الإطار .
هل كان لمشهد الثلوح أن تزين جراح وطن،لولا وجود من تسبب في تلك الجراح؟.
ما الذي يمكننا فعله للمساهمة في العلاج؟ ما الذي علينا فعله لإيصال صوت المواطنين البسطاء في مغرب الجبل، مغرب الكرم بين الأمم، مغرب كأس العالم، ولغة الانجاز في زمن الإعجاز، مغرب يمشي بسرعتين، سرعة ” التيجي في ” وسرعة ” قطار الدار البيضاء الرباط”، بين طنجة والقنيطرة نفس المسافة الزمنية التي نقطعها هناك بين الرباط وطنجة، سرعتين مختلفتين في فضاء جغرافي واحد، بل ومنطقة جغرافية متقاربة، سرعتين مختلفين جدا بين الجبل والمدينة، بين الرباط وعوالمها وبين شيشاوة وأسرارها، وبين الرباط ونواحيها، بل داخل أحيائها فوارق، وبين شيشاوة والجبال التي تحيط بها عوالم في الفوارق، هذه مغارب في مغرب واحد، تلتقطها عين الصحفي وعين السوسيولوجي وعين المواطن الذي جال بين المدن والقرى وبين العقول والأفكار وبين الطبقات والثقافات، سمع أن بول باسكون يقول، هذا مغرب مركب، وتأكد من خلال رحلته القصيرة في الحياة انه مغرب متعدد، وتلك مشاهد فقط من عوالم متعددة .
من فضلكم، الأمر واضح، ولا يحتاج إلى فلسفة، على الوزارات المعنية والمؤسسات المعنية أن تقوم بعملها، لا بأس من الاعتراف بالخطأ والتقصير، ولا بأس من تصحيح المسار، الحل ليس في اعتقال مواطن، أو البحث لصحفي عن ما يدينه في القانون الجنائي،الحل في مصالحة تاريخية بين الصحافة المستقلة،السلطة الرابعة، وباقي السلط،وأن يقوم كل بدوره من أجل وطن ومنفى ، وطن يضمنا جميعا ويدفعنا للافتخار بمغرب الانجاز والاعجاز، ومنفى نرمي فيه الخونة باختلاف قبعاتهم وسطاتهم، وبعد كل هذا يجب أن لا ننسى، في سنة 2025 ، في قرى زلزال الحوز، الثلوج لا زالت تزين جراح الوطن… فهل من ضمير وهل من سلوك نحو قادم أفضل؟
* صحافي، مدير نشر مغرب بريس تيفي
باحث ومستشار في الإعلام والتواصل وتدبير الأزمات.